حديث: رسم التاريخ والصدمات

نتحدث إلى أربع فنانات بتخصصات متعددة، بين أجيال مختلفة، عن أفكار تتعلّق بمهنتهن الفنية، إضافة إلى مفاهيم الهوية والحياة داخل وخارج سوريا. وتتحدث هنا كل من عزّة أبو ربيعة، خديجة بكر، سلافة حجازي وليلى مريود معاً من منازلهن في بيروت، مونتريال، برلين وباريس على التوالي.

بالنسبة لهؤلاء الفنانات الأربع، التي تعيش كل منهن في زاوية مختلفة من العالم، فإن ممارستهن للفن هي طريقة للتعبير عن الأحداث التي تتكشّف في بلدهن الأم، سوريا، بالإضافة إلى أسلوب قوي من التعبير الذاتي، في وقتٍ واحد، كما هو الحال مع جميع الفنانين. تشمل كل ممارسة فردية استقصاءات معقّدة ودقيقة في الهوية، الجنس، العنف والمجتمع.

بالنسبة لعزّة أبو ربيعة وسلافة حجازي، وكلاهما في الثلاثينات من العمر، وتقيمان في بيروت وبرلين على التوالي، تبقى الأحداث في سوريا قريبة من الذاكرة إذ أن كل منهما غادرت بلدها في السنوات القليلة الماضية بعد أن عملت فيها أثناء فترة الثورة السورية. حجازي، أول مخرجة للرسوم المتحركة في سوريا، هي كاتبة ومخرجة سافرت إلى فرنكفورت ومن ثم إلى برلين في العام ٢٠١٣. يعود سفرها إلى الاهتمام غير المرغوب به الذي تلقّته بسبب مشاركتها في حركة المقاومة السلمية عبر إصدار ونشر أعمال انتقدت فيها الاضطهاد السياسي والاجتماعي للنظام السوري.

على نحوٍ مماثل، اضطرت أبو ربيعة إلى مغادرة بلدها في العام ٢٠١٧ بعد أن وجّهت لها الحكومة اتهامات خطيرة وباطلة. تتناول معظم أعمال أبو ربيعة مصير سوريا اليوم وأهوال وآثار الحرب، بينما توثّــق حجازي التغييرات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها سوريا وتأثير الصراع على المدنيين وخاصة الأطفال.

إنتقلت خديجة بكر، وهي كردية الأصل، إلى مونتريال في العام ٢٠٠١ بينما هاجرت ليلى مريود إلى باريس في الثمانينات. تتشارك الاثنتان باستكشاف الجسد والمساحة؛ تخلق الأولى أعمالاً في النحت والأداء والتصوير بينما تركّز الثانية بشكل أوسع على الأداء والتركيب متعدد التخصصات.

بالنسبة لِمريود، يتخذ الجسد النسائي بعداً اجتماعياً، فهو رهينة للدين والمجتمع، ممزّق بين حقوق المرأة، الإغراء، الرغبة، الأسرار والعنف. كما أنها تعمل على نحوٍ واسع مع فكرة الأقنعة وفكرة ذلك الذي نخفيه، حيث يكون القناع بمثابة بوابةً بين الداخل والخارج. أما بكر، فهي تستكشف الجوانب الاجتماعية لممارسة العنف ضد الأطفال والنساء، ساعيةً إلى خلق مساحة من التعاطف والتفاهم من خلال البحث والأعمال القوية المؤثّرة.

ولقد قمنا بجمعهِنّ معاً لمناقشة الجوانب المتعددة من عملهن، فيما يربطهن معا بقدر ما يميّزهن عن بعض، وللبحث في بعض القضايا المتفاقمة التي تقيّد وتحفّز في نفس الوقت أعمال الفنانين السوريين في يومنا هذا.

عزّة، في أعمالك عنصرٌ رسومي جريء، وكأنّكِ متأثرة بفرنشيسكو جويا وخاصة سلسلة كوارث الحرب (١٨١٠-١٨٢٠) ما الذي جذبكِ إليه؟

عزّة أبو ربيعة: إن مقدرة وشجاعة جويا للجمع بين المؤلم والجميل تُنتجُ على الفور رسائل قوية لا يمكن نسيانها. رسومات جويا الزيتية غنية الملمس وتركّز على الحياة الملكية والبلاط الملكي، بينما خُصّصت نقوشه للناس العاديين وصُمّمت خصيصا للمشاركة الواسعة. يُبهرني تحوّل الوجوه التي يرسمها – أناس بوجوه البومة وأجسام الوطواط. تحكي هذه المخلوقات عن ظلمة تلك الفترة (إسبانيا في القرن التاسع عشر)، بينما تحكي الدموية في فنّه عن وطأة الحرب المدنية الإسبانية عليه. وهو ما يزال يتكلم معنا حتى اليوم، وكأنه يقول: أنظروا عن كثب فترون كيف تتحول المخلوقات البشرية إلى مخلوقات بشعة في أوقات الحروب والقتل.

أعتقد أن ما يثير اهتمامي بشكل خاص وينطبق خاصة على سلسلة أعمالي المفكّرة السورية (٢٠١٧)، هو انتباه جويا إلى شفافية التفاعل بين الأبيض والأسود. جويا هو أحد أهم المراجع للفنانين الشباب الذين يدرسون الحفر ويمكن تعلّم الكثير من أسلوبه. إن مقدرته على خلق إندماج للأضداد الجميلة – مشهدٌ مزعج ولكنه في نفس الوقت حساس من ناحية التقنية والتركيب – هي التي تجعل العمل في غاية القوة.

سُلافة، في أعمالك أيضاً جودة رسومية مميّزة وخصوصاً في سلسلة مستمرة (٢٠١١-٢٠١٥) التي يتردّد صداها مع أعمال عزّة أبو ربيعة. وفي حالتك، قلتِ أنه بالرغم من ولادة عملك من تجاربك في سوريا، فهو ليس بالضرورة حول سوريا فقط، بل حول الصراع الإنساني العالمي بشكل عام...

سلافة حجازي: كان ضرورياً بالنسبة لي ابتكار عملٍ تتردد أصداؤه على الصعيدين المحلي والعالمي معاً. لا تهم هويتنا الثقافية أو دلالاتنا، ففي النهاية تمس القضايا ذاتها كل كائن بشري.

في سلسلة مستمرة، لم يكن هدفي إعادة سرد الأخبار أو الأحداث الراهنة أو في الواقع لفت الانتباه إليهم. إن قساوة اللحظة التاريخية التي حدّدت بداية الثورة السورية – وثقل الأحداث العدوانية والدموية – كانت غير متوقعة للغاية بحيث أظن أنه بالنسبة للكثير من الناس، أدّت إلى انهيار تام وإعادة تقييم لمفهومنا للطبيعة البشرية والمجتمع. مستمرة هو عمل خاص جداً بي ويبرزُ من خلال طرحِه للأسئلة أكثر من إعطائه للإجابات.

دون شك، انبثقت هذه الرسوم من خلال تجربتي الشخصية في سوريا. ولكنني أظن أنه يمكن لأي كان أن يفهمها إذ أنها تعبّر عن مشاعر وعواطف إنسانية نتشارك بها جميعنا: الخوف، النفور، التمرّد، الغضب، انتقاد الأسلحة العسكرية، أفكار عن الموت ونسبة الوفيات، حياتنا ودور الجنس الإنساني. وسبب شعبيتها هو انتشارها على وسائل الإعلام الاجتماعية التي كانت محركاً ضخماً للثورة السورية. أثبتت وسائل الإعلام الإجتماعية أنها حبل إنقاذ يوفّر مساحة حرة للتعبير، التواصل وتبادل الأخبار والفن بعيداً عن التدقيق من قِبل السُلُطات.

عزّة، هل هذا صحيح بالنسبة لك أيضاً؟ هل إن عملك محدّد بسوريا؟ (بنفس الطريقة التي كان جويا يُعلّق بها على الحرب المدنية الإسبانية)؟

عزّة أبو ربيعة: طبعاً، بالرغم من أنني لم أعتبر نفسي أبداً محدّدة بسوريا بقدر ما أعتبرها "شعبوية". كنت دائماً أناصر الثورة السورية وكأننا معاً سنستطيع رفع الظلم عن البلاد. كانت هذه فرصة لي لبعث تلك الرسائل من خلال الثورة السورية.

بينما كنت أعمل على سلسلة الحفر الخاصة بي، قرأت طيلة أشهرعن الثورات والمجازر عبر التاريخ ولاحظت السيناريوهات ذاتها مراراً وتكراراً: نفس المشاهد التي كنت أراها في سوريا أمام ناظريّ. وحتى قرار الاستعانة بجويا كإلهامٍ بصري، وصولاً إلى الوطاويط التي يتميز بها، أتى من فكرة أن شيئاً لم يتغيّر وأن عالمنا لا يزال نفس المكان الوحشي. في معرضي" آثار"، الذي أقيم في بيروت (افتُتح في ١٥ آذار من هذه السنة في مناسبة ذكرى الثورة السورية)، أعتقد أن المشاهدين رأوا أنفسهم في أعمالي هذه، بغض النظر عن جنسيتهم، وكان هذا أهم شيء بالنسبة لي.

لقد مررتِ أيضاً بتجربة تهريب أعمالك إلى خارج سوريا. كما يغادر الناس سوريا ويبحثون عن طريقة آمنة للخروج، كذلك يحدث مع الإنتاج المبدع. هل يمكن أن تحدّثينا قليلاً عن تلك التجربة؟

عزّة أبو ربيعة: في عام ٢٠١٥، تم اعتقالي فعلياً. ومع ذلك، وبعد أربعة أشهر في السجن، رفضتُ مغادرة البلد. لكن قرار القاضي بإعادة تسمية قضيتي بـ "جريمة إرهابية" كانت نقطة تحوّل. فاضطررت أن أرحل. من ناحية، كان ذلك سهلاً إذ أن الحكومة وافقت على إعطائي "تصريح بالخروج بلا عودة"، لذا كان باستطاعتي أخذ الكثير من أعمالي معي. ولكنني تركت ورائي الكثير – مثل مطبعتي وقططي. كنت في الأساس سأذهب إلى إسبانيا في العام ٢٠١٧ للحصول على إقامة فنّية لكن في النهاية لم أحصل على تأشيرة فبقيت في بيروت حتى الآن.

يسبّب لك هذا النوع من التجربة الأذى العميق، ومن عدة نواحي، كان عرضي آثار هو ما أنقذني. في العام ٢٠١٧، قدّم لي الصندوق العربي للفنون والثقافة منحةً وبفضلٍ دعمهم المادي استطعت أن أعود إلى عملي الفني من جديد وأبدأ ولو قليلاً بالتحسّن. في نظري، عندما تركتُ سوريا كنتُ خاسرة كلياً.

أنتن الأربع تركتنّ سوريا – في أوقات مختلفة ولأسباب متعددة – ليلى، انت كنتِ أولى المغادرين، في ١٩٨١. ما الذي دفعك للإنتقال إلى باريس؟

ليلى مريود: يوجد داخل كل إنسان مكان سري وحساس يجب أن يبقى مقفلاً أمام كل التفسيرات، بالوعي أو باللاوعي. بعد قولي هذا، هنالك عدة أسباب للمغادرة، وهي مشتركة بين جميع الناس: الرغبة، الضجر، الكبت، الظلم، الخسارة، الألم، الغياب والعنف. هنالك أيضاً الحاجة إلى التعبير عن غضب الإنسان الوجودي، التواصل مع الآخرين ومواجهة الذات بحدودها.

خديجة: تركتِ سوريا في العام ٢٠٠١ ومقر عملك الآن هو مونتريال. ما الذي دفعكِ إلى الانتقال؟ وبالنسبة إلى كلاكما، خديجة وليلى، كيف كان تأثير البيئة على عملكما؟

خديجة بكر: حدثت تغيّرات كثيرة في عملي بعد انتقالي، كما حدثت تغيّرات في حياتي يمكن أن تحدث بغض النظر عن بقائي أو إنتقالي؛ فالذي يختلف فقط هو الاختبار. عندما أفكّر بالأمر من خلال المكان أو الاندماج الاجتماعي فبالانتقال من مكان إلى آخر، من زمن إلى آخر، يمكن أن يصبح لديك رؤية أوضح للتجربة التي عشتها. قد أعطاني هذا الانتقال مساحة أكبر للتفكير ولتقييم حياتي اليوم من خلال الفن، المجتمع، الثقافة وغير ذلك. إذا وُجد أي تأثير فمصدره تجربة التذكّر هذه عبر الحاضر الذي أعيشه. لا يوجد إنفصال، بل يوجد فقط استمرار ومتابعة حياة كاملة. لا تتطابق هويتي مع سوريا فحسب، فانا سورية بقدر ما أنا كندية، كردية، أم وفنانة أيضاً. وفي النهاية، أنا شخص وكل هذه الطبقات هي جزءٌ من شخصيتي، أي بمعنى آخر، هي أشبه ببناء بيت داخل الجسد وليس خارجه. ستقدم لك ذاكرة كل مكان شيئاً جديداً في هذا البيت.

ليلى مريود: في وضعي أنا، الذي حثّني على الانتقال إلى باريس كان له علاقة بجنس الإنسان أكثر من الجنسية. كنت أعتقد أن ما يُعتبر عادةً مؤنثاً أو مُذكّراً يختلف بين مجتمع وآخر فالذهاب إلى فرنسا سيغيّر الأمور بالنسبة لي. ولكن للأسف، فحتى في فرنسا للمذكّر قيمة أكبر ولا يُعتبر الجنسان متساويان. هما دوماً متعارضان، مصنّفان ومحلّلان تجاه بعضهما كإيجابي وسلبي، صلب وناعم إلخ...

أفترض أننا كَبَشر، سنكون دائماً بحاجة إلى لغة لإنشاء وتنظيم وتحليل الرابط المخفي بين المشاعر والأشكال. يبدو أن ما يهم الناس أكثر ليس كون المرء سورياً أو فرنسياً، بل ذكراً أو أنثى. هذا أمر سخيف. أنا اؤمن بأن الفنان لا يمكن أن يكون إلا ثنائي الجنس؛ لا يوجد أي "فن أنثوي" أو "فن ذكري".

ليلى وخديجة، هل انتابكما شعور بالعجز عند مشاهدة الأحداث في سوريا تتكشّف من بعيد وكيف أثّر ذلك على عملكما؟

ليلى مريود: كانت الحرب نقطة تحوّل هامة بالنسبة لي: كيف يمكن للمرء أن يواجه كل هذا العنف والرعب؟ كيف يمكن تغييرها ببساطة دون إعادة إنتاجها؟ كيف يمكن ابتكار نوع جديد من المقاومة؟ هنالك تناقضٌ غريب في الحرب لأنها في الوقت نفسه بنّاءة ومدمّرة. الحرب موجعة جداً ولكنها أيضاً مكاناً للصحوة، التبديل والتجدّد. كانت وطأة العذاب أكبر من طاقتي على التعامل معه. لكن مع الوقت اتّخذت مخاوفي ومشاعري التي لم تُحل بعد، بالإضافة إلى ما شهدتُ من عنفٍ وظلم وقساوة ووحشية، شكلاً جسدياً بصرياً. أوجد لي هذا الأمر شعوراً ببناء مكان لكي أفتحه وأهرب إليه من سجن واقع الحرب. من خلال عملي تمكنّتُ من البدء بالتداول مع ذاتي الطرق المتعددة لتقبّل الحياة والخسارة التي لا تُعوّض.

ساعدتني منحوتاتي في التعامل مع الخسارة. وبفضلها استطعت التوفيق بين الواقع وبين عالمي الداخلي للتغلّب على الفوضى المرعبة غير المفهومة ومحاربة الوحوش الكامنة داخلي وخارجي. تساعدني منحوتاتي في الحفاظ على والوصول إلى الكنوز الرائعة التي فقدناها بسبب الحرب كما فقدنا جميع الأبطال والبطلات الذين رحلوا دون ترك أي أثر.

خديجة بكر: مثل تجربة ليلى، كانت الوطأة هائلة. أشعر بأنها تفصلني أحياناً عن الحاضر. عندما يحدث العنف، نقفُ غالباً على حدود اليأس. الأمهات هن اللواتي يقلقن على أولادهن البعيدين عنهم وعلى المرضى منهم أيضاً. إن الجزء السوري مني بعيد جداً ويتألم؛ وانا مضطربة جدا. أريد أن أفعل شيئاً من خلال الفن، أن أجد سبلاً للعمل أبعد من الصعيد الشخصي، ولتبادل القصص حول ما يجري هناك. لا يوجد أي وسيلة أخرى لمحاربة الحرب البشعة والكراهية المتجسدة فيها إلا من خلال جمال الفن وعبر لقاءٍ يمكن أن أشارك خلاله بعض الألم وأحفّز الحاجة للدعم.

سلافة وعزّة، بما أن أنتما الاثنتين تركتما سوريا بعدما بدأت الصراعات الأخيرة، يبدو أن هنالك قساوة أكثر في أعمالكما.

سلافة حجازي: على صعيدٍ شخصي، قد انعكست بالطبع تجربة الثورة عن قرب على عملي الفني. في الفترة التي قضيتها في سوريا في ٢٠١١ ٢٠١٢، كان العنف بالنسبة لي واقعاً قائماً أكثر منه مسألة نظرية. بدأت أفكّر في مفهوم العنف فقط خلال دراستي في أكاديمية ستاديلسكول للفنون الجميلة في فرنكفورت. كانت كمية الصور وأفلام الفيديو العنيفة التي عرضتها وسائل الإعلام عن الحرب في سوريا بمثابة إعتداءٍ يومي.

من عدة نواحي، أصبح ذلك أمراً "عادياً"، وأظن انه حفّز بدوره مزيداً من العنف. عندها بدأت بالتفكير في أخلاقيات استخدام العنف في الفن عامة. ثم فكرّت، بما أنني أقيم في فرنكفورت، وهي مقر المصرف المركزي الأوروبي، وأدركُ مدى صعوبة الحياة فيها من الناحية الاقتصادية، بالعنف من جانب آخر: يمكن أن تكون المسائل الاقتصادية والأنظمة التي تنشأ عنها هي جذور العنف.

عزّة أبو ربيعة: أضيف إلى ذلك أن مشاهدة العنف مباشرةً كان لها بالتأكيد تأثير عليّ. في حالتي، وكما ذكرتُ سابقاً، تركتُ سوريا في مطلع العام ٢٠١٧، إذاً قضيتُ فيها ست سنوات من فترة الثورة. في تلك الأثناء، حُفر في ذهني الكثير من المشاهد إلى الأبد. كانت عينيّ هما كاميرتي. طبعاً كان للعيش في خضم الثورة – بكل خيباتها وأضرارها - تأثير كبير عليّ. أنا أقيم الآن خارج سوريا ولكن تلك المشاهد المروّعة تبقى في داخلي. عليّ أن أتقبّل بأنني عاجزة عن فعل أي شيء بحكمٍ وجودي خارج البلاد. أنا أعيش في عزلةٍ مع هذه الذكريات.

كيف تغيّرت ممارستكن الفنّية منذ مغادرة سوريا؟ كيف يؤثّر مكان إقامتكن الحالي على عملكن؟ لقد انتشرتن عالمياً: برلين، بيروت، باريس ومونتريال...

سلافة حجازي: لقد انقضت خمس سنوات على رحيلي من سوريا وحدث في تلك الفترة الكثير من التغيّرات السياسية، الاجتماعية والشخصية. درستُ الفن المعاصر في فرنكفورت ومن ثم انتقلت إلى برلين حيث تعرّضت إلى عدة تأثيرات مختلفة. وطبيعي أن تنعكس هذه التجربة الإنسانية العميقة على التجربة الفنية. بشكل عام، فإن أعمالي الفنية التي نفّذتها في العام ٢٠٠٠ تختلف عن تلك التي نفّذتها في العام ٢٠٠٥، وكذلك تختلف أعمال العام ٢٠٠٥ عن أعمال العام ٢٠١٠ وهكذا دواليك. بمعنى آخر، يتطور الفن باستمرار وخاصة إذا كانت التجربة الإنسانية المصاحبة له بنفس العمق.

على صعيد الفن التقني، أعمل حالياً في الوسائط المتعددة وأربطها بالفن التصوّري. يوجد الآن تقنيات أكثر بكثير من التقنيات التي كانت موجودة قبل خمس سنوات مثل الواقع الافتراضي والمعزّز ووسائل الإعلام الاجتماعية. كان لمواكبة هذه التطورات التقنية تأثير على الفنون في السنوات القليلة الماضية وعلى عملي الخاص أيضاً.

عزّة أبو ربيعة: الرحيل عن سوريا لم يؤثر على أي شيء في عملي بحد ذاته. فإن عملي الآخرون، أُنجز عندما كنت في سوريا وهو ينتمي إلى سلسلة الأعمال التي أكملتها عندما ذهبت إلى بيروت وأسميتها" آثار".

خديجة بكر: سيبقى الغضب في داخلي وهو عميق الجذور ومتعدد الطبقات في معايشة هذه التجربة المؤلمة. وأنا أفكّر بتجربتي الخاصة التي هي استمرارية لماضيَّ – وكيف لعبت أصولي كإمرأة كردية دوراً كبيراً. الأسباب التي أدت إلى عذابي في السنوات المبكرة من حياتي واضحة جداً؛ كنا نُعاقَب عندما نتكلم بلغتنا، إذ لم يُسمح لنا بتعلّمها أو سماعها. كلّما أردنا الاحتفال بالسنة الجديدة عندنا أو حملناً كتاباً كنّا نغامر بمعاقبة السُلطات لنا. التمييز العنصري كان موجوداً يومياً. كانت منطقتنا من أكثر المناطق خصوبة من الناحية الزراعية والموارد الطبيعية في سوريا ولكن تلك الثروة لم تكن ملكنا.

العذاب الآن يتفاقم على السوريين الذين يبنون المقاومة يومياً في وجه العنف السياسي والاجتماعي. فالبلاد كلها تدفع الثمن لأن الشعب تجرّأ على الكلام أو كما قال الشاعر والكاتب وليد خليفة، " لأنه رفض أن يُطيع". كل الأماكن في سوريا هي بيتي، إذ ليس هنالك أي مكان لا يقيم فيه أحد أفراد عائلتي، أو جار لي أو صديق. قد أقمتُ في عدة أماكن وكنت أنوي زيارة الكثير من الأماكن. هي الآن مدنٌ موجودة في ذاكرتي فقط. ولقد استخدمت تلك العناصر في عملي. يجب أن أفعل ذلك لكي أحيا.

ليلى مريود: خلال سنوات الحرب الثمانية الأخيرة كنت أعمل غالباً في النحت. أحد الأمثلة هو عمل اسمه شجرة، مدينة، إمرأة (٢٠١٥). كان حواراً بين المجهول والمستحيل، موادٍ جديدة وأساليب حديثة للتعامل مع تلك المواد. كان أشبه بتذكير أن شيئاً ما لا يزال ممكناً وأنه يمكن إيجاد الحلول. كانت التفاصيل ضرورية لأجل عملي هنا وكذلك الوقت، أي الوقت لأبتكر، وكأن المواد التي كنت أعمل بها قد تشكّلت مع مرور الوقت لتتخّذ أشكال جديدة غير متوقعة. أظن أنها تشكّك في أمانة الذاكرة وكيف تنثني وتلتف وتتغيّر على المستويين الشخصي والجماعي معاً.

ليلى: يتميّز عملك بإحساس حقيقي بالحميمية. أخبرينا عن اهتمامك بالتصوير والجسد.

ليلى مريود: كيف يتعامل المرء مع الجسد؟ وبشكل خاص جسد المرأة التي تواجه العذاب، العنف، النسيان وآلاف القوانين غير المرئية وغير الملموسة التي تُفرض عليها؟ ٩٩ امرأة وقناع واحد هو مشروع تصوير لم ينتهِ بعد وأعمل عليه حالياً: قناع واحد يختبيء وراءه الخوف، المجتمع والممنوعات، فهو مكان يتواجد فيه العادي، الإستثنائي، المأساوي والجميل معاً. أنا أسأل: "عندما نرتدي أقنعة، فهل نحن نواجه الآخرين أو أنفسنا؟"

مثلكِ أنتِ خديجة، تعمل ليلى أيضاً في العروض "البرفورمانس". أنت تسعين إلى خلق مساحة من التعاطف والتفاهم" – هل بإمكانكِ التوضيح؟

خديجة بكر: نوعاً ما، الفكرة وراء عملي هي التعبير عن الحاجة إلى ثورة – ثورة تأتي من داخل الشعب ولأجل الشعب – بحيث لا يخدم أحد مصالح الغير ودون أي تدخّل من أحد. العرض الذي أقدّمه متعدد التخصصات وأستخدم هذه المواد والأشكال المختلفة للقيام بثورتي الخاصة آملة بأن أسلّط الضوء على الحاجة إلى التغيير الفوري، وخصوصا فيما يتعلق بدور المرأة، الجسد والإصلاحات التي سترافق الإصلاحات السياسية. في البرفورمانس، يتم في أغلب الأحيان تسمية النساء، لذا أحب أن أتحدّى بِجسدي القدرة على الفهم عبر ابتكار أماكن تركّز أقل على الجسد المرئي وأكثر على مَن أنا بالهويّات المتعدّدة التي أتّخذها عندما اؤدّي العرض. أنا أحترم النظريات النسوية التي تؤثر على عملي. ولكن مع ذلك تهمنّي أكثر النظرية الثورية ويعود الفضل بذلك إلى والدتي التي كان لديها طريقة تفكير نسائية خاصة بها.

سلافة، بالحديث عن الحميمية، تبحث أعمالك في فقدان الروحانية في وجه الحداثة، وفيها نقدٌ لسيطرة التكنولوجيا، والاضطراب الاقتصادي والاجتماعي. هل يمكن أن تخبرينا المزيد عن هذا الموضوع؟

سلافة حجازي: على المستوى الفني، إن الفن الرقمي هو مجرّد وسيط آخر في لوحة ألواني؛ أستخدمه لاستكشاف الأفكار والانخراط مع العالم. هو الأداة التي معها أصرخ، أحلم أو أقوم بدورٍ إجتماعي.  هو أداة للتساؤل المتواصل فيما يخص الشكل، المضمون والتقنية. هو سؤال مفتوح وبحث مستمر يُغني تجربتي الإنسانية.

على سبيل المثال، كان السؤال الرئيسي في عرضي، صور متحركة ٠٠١(جزء من مهرجان شبّاك في لندن في العام ٢٠١٦)، ما هي العلاقة بين الجرعة اليومية من الصور التي نراها على وسائل الإعلام الإجتماعية وبين أحاسيسنا؟ هل بإمكاننا إعطاء كل صورة المشاعر التي تستحقّها أو التي تتساوى معها بالقيمة؟ هل نستطيع التحكّم أو التخفيف من ردّات فعلنا بحيث نستطيع أن نستوعب أكثر من الذي نراه عادة على تلك الشبكات؟ هل ستترك هذه الصور أثراً علينا في مرحلة لاحقة؟ هل زوّدنا تكرّر تلك الصور بمناعة ضد تأثيرها؟ ما هي المسافة بين ما هو افتراضي وما هو واقعي؟ أو بين شاهد ومُشاهد؟

ومع ذلك، يجب أن أقول أنها ليست التكنولوجيا وحدها هي التي جعلتنا أقسى قلباً أو وجّهتنا ضد العواطف. هنالك حروب، بنوك وجميع أنواع الاستبداد وراء ذلك المجال أيضاً. أنا شخصياً أحب العالم الرقمي، الحقيقة الافتراضية واللغة الثنائية. أعتبر رمز الاستجابة السريعة جزءاً من هويتي الثقافية، تماماً مثل الزخارف الإسلامية والعربية. لكن مع الثورة الرقمية الهائلة في زمننا الحالي، أعتقد أنه من الضروري مواكبة تلك التطورات مع ما يمكن أن نسمّيه "الأخلاقيات الرقمية".

بالعودة إلى إنتاجاتكنّ، فإن لكل منكن لوحة ألوان مميّزة في عملها: داكن وجريء لعزّة أبو ربيعة؛ باهت (يُعيدنا إلى لوحة الألوان الاشتراكية، على ما أظن) لسلافة حجازي؛ مبهمة وملوّنة لليلى مريود؛ ثم بالطبع "واقعية" البرفورمانس، لخديجة بكر "الحقيقية". هل يمكننا التحدث أكثر قليلاً عن الألوان في أعمالكن؟

ليلى مريود: قد دخلت الألوان في عملية الخلق كعنصر من المقاومة، الحياة، الموت وكجزءٍ من لغة تعبّر عن التعتيم أو الشفافية. الألوان موجودة لتتعارض مع الظلال، التي تحتلّ مكاناً هاماً في عملي، وكأنما الظلال هي ألون راسخة في عالمٍ غير مرئي.

عزّة أبو ربيعة: يميل عملي أكثر إلى أحادية اللون، إذ أن اللون، على الأقل بالنسبة لي، يتعلّق بالتقنية والوسيلة المستخدمتين. في الحفر، لا يمكن الطباعة باستخدام أكثر من لون واحد إلا إذا وجدت لوحة أخرى. الأسود هنا هو سيّد الألوان (مع اختلافات في الرمادي) وعكس اللون الأبيض، ما يُضفي على العمل الفخامة والتناقض.

سلافة حجازي: أوافق على ذلك. يوجد بالفعل تأثير واضح لألوان الرسوم الشيوعية في سلسلة أعمالي مستمرة، وكان ذلك خياراً وجدته مناسباً للمواضيع التي كنت أعمل عليها. لكن في أعمالي الأخرى، تعاملت مع الألوان بطريقة مختلفة وفقاً للتقنية وللموضوع. في صورٍ متحركة ٠٠١، كان التركيز على الأبيض والأسود وتخفيفهما تدريجياً بواسطة التكنولوجيا الرقمية. وبعد ذلك، في صور متحركة ٠٠٢ (٢٠١٧)، كانت الألوان أكثر كثافة، متنوعة ومتلائمة. وفي أعمالي الأخيرة، أصبح اللون أكثر وضوحاً.

خديجة بكر: رؤية الموضوع الداكن والجريء مثيرة للإهتمام هنا وهذا واضح أيضاً في أعمالي. أنا أميل إلى التفكير بشكلٍ مفرط بالمواد والألوان الخاصة بي. أستعمل أحياناً الكثير من الألوان عندما لا يكون هنالك نهاية وعندما أرى دورة من التجارب. ومع ذلك، فأنا أستخدم الأبيض والأسود عموماً لأنهما طريقتي في الإضاءة على النزاع غير المرغوب به بكل أشكاله: العنصري، الاجتماعي، السياسي أو بين الجنسين. يُعبّر الأبيض والأسود بالنسبة لي عمّا يمكن أن يتقبلّه المرء أو يرفضه. والألوان الواقعة بينهما ما هي إلا مبررات وأنا لا يمكن أن أقبل بأي مبرّر لأي نوع من الحروب. والبرفورمانس التي أؤدّيها مستمدة من تجارب الحياة المُعاشة. هي واقعية وطالما أؤدّيها بجسدي، فهي جزء مهم من عملي كذلك. ليس لدي تقريباً أية حدود بين كل أجزاء حياتي حيث "الأنا" المتعددة تمارس الحياة والفن في نفس الوقت.

في نهاية المطاف، من "أنا"؟ هل تعتقدن أن اللقب " فنانة سورية" يقوّي أو يُقيّد؟

خديجة بكر: أنا لستُ ضدّه. من الضروري أحياناً أن يكون هو نقطة بداية لحديث ما، ولكن يُغضبني إذا استُخدم بطريقة تجعل مني موضوعاً وتُخرجني من مجموعة أخرى أو ممارسات فنّية، أي أن أُستبعَـد. كما قلتُ سابقاً، تضع الهويات حدوداً عندما تُستعمل بطريقة خاطئة. أفضّل أن تكون الهوية نقطة قـوّة، وأمراً إيجابياً لأنني أريد أن أخبر عن سبب مارستي لهذا النوع من العمل، عن النزاع السوري ولماذا هو قائم هنا والآن. أنا أصطحبكم إلى أماكن تؤسس لهذا النوع من الروابط على الصعيد الإنساني. أنطلقُ نحو التجربة العالمية من تجربة شخصية واحدة. مثلاً، إذا حاربتَ من أجل حقوق المرأة فهذا يعني أن لهذه الحرب قيمة في أي مكان من العالم إذا استطعت خوضها.

عزّة أبو ربيعة: أنا أفضّل شخصياً التكلّم عن الفن لأجل الفن وأن يكون بعيداً جداً عن السياسة حتى لو كان مثقلاً بالرسائل!

سلافة حجازي: نعم، أوافق على ذلك. أنا أعرّف عن نفسي كإمرأة كما أعرّف عن نفسي كإنسانة/فرد من سوريا. لكن هاتان الهويتان ليستا الوحيدتين اللتين تعرّفان عنّي كشخص. أنا مجموعة من الممتلكات والهويات التي تتغيّر مع الوقت. من ناحية، الهوية هي شيء ثابت لكن جوهر هويتي يتغيّر حسب ظروفي. في الكثير من الأوقات تصبح الهوية وسيلة لتعميم الأفكار النمطية.

مشكلتي مع هذه التعميمات هي عندما يُقرأ عملي الفني من خلال عدسة ما يعرفه معظم الناس عن سوريا. وأجد إشكالية أيضاً عندما يُفرض علي التكلم عن نفسي بدلاً من فنّي. تُشعرني تلك اللحظات بأنني مهمّة لأنني سورية مثلاً، أو لأنني امرأة، بدلاً من الاهتمام بإنتاجي الفني.

 

نبذة عن الفنانات

عزّة ابو ربيعة

وُلدت عزّة في حماة في العام ١٩٨٠ وتخرّجت من جامعة دمشق، كلية الفنون الجميلة (قسم النقش) في العام ٢٠٠٢. وقد حازت على عدة جوائز مثل الجائزة الأولى في "المعرض الشبابي السنوي" في دمشق في العام ٢٠٠٦ والجائزة الثالثة في "معرض لون دمشق" في العام ٢٠٠٥ في إيطاليا، برعاية بعثة المفوضية الأوروبية. عُرضت أعمال عزة على نطاقٍ واسع في دمشق، بيروت، باريس، روما، اسطمبول، صوفيا، أوزيتشي، فاسا، لندن وشيكاغو. تم اقتناء أعمالها من قِبل المتحف البريطاني، مؤسسة الأتاسي وغيرها.

 

خديجة بكر

خديجة بكر هي فنانة سورية – كردية متعددة التخصصات، مقيمة في مونتريال. تبتكر خديجة تركيبات فنية تجمع بين الأداء، الفن الرقمي، الصوت والرسوم المتحركة. أقامت خديجة وعملت في مونتريال - كندا منذ العام ٢٠٠١ وحصلت على شهادة الماجستير في الفنون الجميلة في فنون الأستديو/ وسائل الإعلام المفتوحة من جامعة كونكورديا. يبحث عملها في مواضيع إجتماعية وسياسية مرتبطة بالاضطهاد، النزوح والذاكرة. شاركت في معارض في عدة عواصم ثقافية مثل مونتريال، تورونتو، نيويورك، لندن، برلين، مارسيليا، اسطنبول، نيودلهي، بيروت ودمشق وأيضاً في معرض بينالي الثامن عشر في سيدني. خديجة بكر عضو أساسي في COHDS، "مركز للتاريخ الشفوي ورواية القصص الرقمية"، منذ العام ٢٠١٣ وتعمل حالياً على تأسيس الأبحاث في "مركز الدراسات متعددة الاختصاصات في المجتمع والثقافة".

سلافة حجازي

وُلدت سلافة حجازي في دمشق، وهي مخرجة وفنانة تشكيلية في الوسائط المتعددة. تقيم سلافة في برلين – ألمانيا. درست في المعهد العالي للفنون الدرامية في دمشق، حيث تخصّصت في الدراسات الدرامية ثم في أكاديمية ستاديلسكول للفنون الجميلة في فرنكفورت أم ماين في ألمانيا. بدأت حجازي حياتها المهنية ككاتبة ومخرجة رسوم متحركة وغيرها من الإنتاجات متعددة الوسائط، مع تركيز بشكل خاص على تعليم الأطفال، التنمية الاجتماعية وابتكار الرسوم المتحركة التي تعكس الهوية العربية. حجازي هي أيضاً عضو مؤسّس لخدمة سبايس تون Spacetoon، أول قناة فضائية عربية مجانية للأطفال. تشكّل أعمالها الفنّية جزءاً من المجموعات الشهيرة كتلك الموجودة في المتحف البريطاني في لندن، مؤسسة بارجيل للفنون في الشارقة ودعم الإعلام الدولي في كوبنهاجن.

ليلى مريود

وُلدت ليلى مريود في دمشق في العام ١٩٥٦ وتخرّجت من كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق. واصلت تعليمها العالي في المدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس. أقامت مريود الكثير من المعارض المنفردة في ليون، باريس، دبي وألمانيا بالإضافة إلى معارض أخرى مرافقة للفنون التمثيلية في عمّان، بيروت ودمشق. شاركت أيضاً في معارض جماعية في الرباط، باريس، بروكسل وواشنطن. تركّز مريود على التصوير الفوتوغرافي والنحت وتتحدّى القواعد الإجتماعية السائدة التي تحدّ من حرّية النساء، مستخدمةً مختلف الطرق للتعبير.