أعمال فنانين

الفنان محمد المفتي مهندس معماري من مواليد دمشق، وأستاذ في ألبـا (الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة). انتقل إلى فرساي في فرنسا عام ١٩٩٤م لمتابعة دراسته، حيث تخرّج من المدرسة الوطنية العليا للهندسة المعمارية في فرساي. أقام المفتي معرضه الأول في فرنسا في عام ٢٠٠٣. وسرعان ما عُرضت أعماله في معارض فنية ومتاحف في فرنسا، ايطاليا، فنلندا، تركيا، لبنان، سوريا والإمارات العربية المتحدة. انتقل إلى بيروت عام ٢٠١٢، حيث صوّرت أعماله موضوعات وتأملات حول الوضع السياسي والمشهد الاجتماعي في سوريا. كفنان موثِّق، يُعتبر عمله بمثابة عملية تحقيق في المشهد الحضري والمنشآت المعمارية التي ترمز إليه

أعماله الأخيرة تستكشف وتُسائل الذاكرة الجماعية وبقاياها عبر تفكيك وإعادة تفسير الرموز والمعاني الموروثة منها. في عملية إعادة بناء ذاكرتنا، يفترض أن هناك أسئلة أساسية يجب علينا أن نطرحها: ما هي أشكال ذاكرتنا الجماعية؟ ما هي قيمها ورموزها اليوم؟ ماذا بقي منها؟

أعمال فنانين - Features - Atassi Foundation

Reign on the Sixth, Oil on canvas, 130 x 130 cm, 2019

 

حكم السادس

أحببت الرقم ستة بسبب دلالاته المتنوعة ، السماء السادسة تحت حكم الله وفقًا للثقافة المحلية، أو ستة مثل رقم ولايات عائلة الأسد الرئاسية في سوريا منذ عام ١٩٧١م. المبنى الذي في اللوحة كان يسمّى من قبل مجمّع يلبوغا، بدأ إنشاؤه في السبعينيات ولكنه لم يكتمل أبدًا. في ذلك الوقت، كان رمزاً للحداثة الكاسحة وكان من المفترض أن يصبح أعلى مبنى في سوريا. توقفت الحداثة وتوقف الزمن. أردتُ أن ألتقط تلك الحالة، الشعور بالركود.وبناءً على ذلك، فإن لوحة الإعلانات في الجزء العلوي الأيسر ساخرة في تعليقها « ٤٠عاماً نزداد شباباً» (شعار ماركة إلكترونيات اسمها الحافظ)، كما أنني رسمتُ حماراً وحيداً على الطابق السادس، لا يرمز وجود هذا الحمار إلى الإخلاص أو العمل الجاد، بل إلى العناد

أعمال فنانين - Features - Atassi Foundation

Concerto for Two Violins and a Tank, oil on canvas, 130x130cm, 2018

 

حفلة موسيقية لكمانَين ودبّابـة

تساهم العناوين والتواريخ (وحتى الأحجام بطريقة ما) في قراءة عملي الفني. لعلّ خلفيتي المعمارية تُقنعني بأن الأعمال التي تخلو من السياق تفقد بعض جوهرها وقوتها. وعلى ذلك ، لا يجب أن تفسّر عناوين الأعمال الفنية العمل الفني بشكل مباشر، بقدر ما يجب أن تقدّم أدلّة أو موضوع للاستكشاف. تُسعدني شخصياً العناوين الساخرة التهكّمية التي تضلّل الناظر أحياناً ، كما هو الحال في «حفلة موسيقية لكمانَين ودبّابـة». في هذا العمل، أردتُ أن أواجه أمرين: واقعيّة الدبّابة، وتجريد الوجود البشري والذي تم تنفيذه بواسطة خطوط مستقيمة سوداء وبيضاء فقط. (إن خلق نظام بالخطوط المستقيمة هوعملية إنسانية للغاية) إذ أن وجود نظام بالخطوط المستقيمة فهو دلالة على تواجد بشري . لذا، للدلالة على انهيار ودمار المجتمع، أردتُ أن أرسم تلك الخطوط في حالة مضطربة. مهم جداً أن الدبابة هي العنصر الوحيد الملوّن في العمل ، فهي تواجه الضوء تاركة خلفها الظلام، هذا هو الواقع الجديد. أتمنى أن يأتي يوم في المستقبل تتغيّر فيه الأمور وأتمكّن من رسم المشهد ذاته من جديد ولكن بحيث تكون الدبابة هي الذاكرة المتلاشية، والخطوط مستقيمة ونقيّة من جدي

أعمال فنانين - Features - Atassi Foundation

Mohamed Al Mufti 'HOB HOB' Oil on Canvas, 130x130cm, 2019

 

بيت الأشباح

كمهندس معماري، ربما أعير أهمية أكبر للعمق و الرسم المنظوري و الضوء والبنية. لوجود الزوايا والتماثل ، أو عدم وجودها ، تأثير كبير، خصوصاً أنه في الواقع قليل جداً من الأشياء تتماثل بشكل كامل. على سبيل المثال ، إن النور و الظل يتضادان بشكل طبيعي على جانِبَي جسمِ ما. هذا الأمر مفيد جداً في توجيه انتباه الناظر، مثلما هو الحال في «بيت الأشباح»

هوب هوب

يشير التعبير هوب هوب إلى الكلمة الخاصة المستخدمة للدلالة إلى وسائل النقل ، أظن أنها مشتقة من نوع من هوب إن ، هوب آوت (اقفز إلى الداخل، اقفز إلى الخارج). وفي اللغة العربية استبدلنا حرف  p بـِ حرف b. هذا النوع من الحافلات راسخٌ في ذاكرتنا الجماعية، هو باص الشعب. ينتقل من مدينة إلى أخرى، يثب ويرتد وينبعث منه دخان وأصوات غريبة. هذا الباص هو تقريباً فولكلور. لكن في الحقيقة أن في السابق كان له وظيفة رسمية (بالإضافة إلى نقل الناس) وهي نقل البريد من محافظة إلى أخرى. كان باص الهوب هوب رسولاً مليئاً بالبريد. يعمل الآن كبقايا، حاوية للرسائل، الأشعار، الاقتباسات المضحكة، الرموز الدينية، الإيحاءات الجنسية ، والقائمة لا تنتهي. في هذه النسخة من الهوب هوب، أردت أن أربط هذه الرسائل بالمشهد السوري الحالي، مضيفاً بعض التلميحات السياسية، أقوال قديمة يتردد صداها اليوم وهكذا. في هذا العمل، يصبح الباص ما يحتويه، ومحتواه يصبح ما هو عليه، حيث يندمج المحتوى مع الحاوي

 

أعمال فنانين - Features - Atassi Foundation

Hijab of the city, acrylic on Canvas, 100x100cm, 2019

مدرسة البعـث

الكتابات الجدارية التي أصورها في هذا العمل قد جمعتها في الحقيقة من أنحاء المدينة ، بعض الجمل موجودة شفهياً فقط وليست مكتوبة. المدرسة في اللوحة ليست مكاناً محدداً بل نموذجاً عن نوع المدارس التي بُنيت في جميع أرجاء سوريا لتكون بمثابة نموذج تعليمي بعثي. كلها متشابهة، لذا يتردّد صداها عند كل فرد سوري وهي راسخة، كما الهوب الهوب، في الذاكرة الجماعية. الغريب في الأمر أن هذه المدارس (على الأقل بالنسبة لي) تشبه السجون دائماً، لكن الكتابات تستعيد فكرة أن الشعوب و التحرّكات الشعبية هي غالباً من يطلق الشرارة

حجــاب المدينة

هذا العمل موضوعه ليس سوريا بل لبنان. عندما كنا لا نزال في سوريا، قبل الحرب وقبل المجيء إلى لبنان، كان لدينا صورة معيّنة عن لبنان: منفتح و حرّ وعصري. بعد مضيّ ثماني سنوات هنا، لا أستطيع إلا أن أواجه الحقيقة التي تتعارض مع هذه الصورة (الرائعة) البراقة  التي كانت في أذهاننا، وهي أن البلد ينطوي على تحفّظ عميق تحت مظهره العصري. يصوّر «حجاب المدينة» منطقة مار مخايل المسيحية في بيروت حيث الشوارع تعجّ بالبارات و الحانات والنوادي في الطوابق الأرضية، في حين أن الطوابق الأعلى في المباني السكنية هناك كلها تقريباً محجّبة ، نيّة حازمة بأن لا ترى شيئاً وأن لا يراها أحد. هذا تعبير قوي عن  الانفصال  عن المدينة و المجتمع، عن حياة عصرية تبدأ فقط عندما نزولا يداس  الطابق الأرضي. هذا واقع بائس يجدراستكشافه