الطوفان- الأرباب تهجر تدمر

جاءت قصة الطوفان في الأساطير الرافدية، وأهمها ما ورد في ملحمة جلجامش “ملك أوروك” قبل نحو خمسة آلاف من السنين. وفي التوراة رويت قصة الطوفان أيضاً وبطلها سيدنا نوح عليه السلام وكذلك في القرآن الكريم.

 

مفاد قصة الطوفان هو تنظيم الكون وإعادة بناده بناءً مشرفاً بعد أن طافت به الشرور واكفهر من الظلم والبهتان.

 

استوحيت في لوحتي قصة الطوفان من دون أن ألتزم نصاً أدبياً معيناً، بل حاولت أن أعبر عن هذه القصة بنصٍ تشكيلي فني، فجاء التأليف متشابكاً تتوزع فيه الألوان في مساحاتٍ يغلب فيها الأسود الداكن والأحمر القاني ثمّ الذهبي المضيء ويلعب فيما بينها البنفسجي والكحلي والبني دوراً فاصلاً منسقاً للتأليف اللوني كما اقتضته المساحة الشاقولية للوحة وفرضته النغمات اللونية أثناء العمل، هذا من حيث اللون.

 

وأما الأشكال فهي آدمية هاربة من يمين اللوحة إلى يسارها، كما تتسابق معها الأحصنة الهائجة وتنتثر ما بين هذه وتلك نثرات الماء وآثار المدينة المتهالكة التي ما صمدت تجاه الحدث.

 

استعرت للحدث مسرحاً افتراضياً هو “تدمر” بعراقتها السورية العربية ذات النسغ المحلي منذ القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الثالث الميلادي، وبشخوص أربابها التي يعود جانب منها إلى الحضارات الرافدية وجانب آخر إلى الديانات العربية القديمة. وتصورت أن قصة الطوفان قد حدثت في تدمر لأن رأس الأرباب التدمريين هو بعلشمين ربّ الخصب والعواصف والمطر، ومن الأرباب التدمريين أيضاً عجلبول رب القمر ويرحبول رب الشمس، ومن الربات عشتار واللات ونناي.

 

وهنا أيضاً، ومن دون أن أحدد شخصيات الأرباب تحديداً وثائقياً، لأنني لا أصف الحدث وصفاً أدبياً في لوحتي، بل خرجت تلك الهيئات شخوصاً رامزة معبرة بحركات كالرقص الصوفي ونظرة ترنو إلى عالم علوي في تفاؤل قادم تعبر عنه أغصان النبات والطائرة الورقية والفانوس وأجنحة الأبدية…..

 

 

الياس زيات

دمشق ٢٠١٢